دخلت الأم البيت تشع بالثبات، دخلت و هي منهمكة عيناها شبه منغلقة و ملامحها ترهق من ينظر اليها و علامات دموعها باتت علي خديها، ثم وضعت المصحف علي المنضدة وقالت: "حسبي الله و نعم الوكيلً. أحتسب اليك يا ربي فقد قتلوا فلذة كبدي ؛ أحتسب اليك فقد سجنوا قدوتي و حبيبي؛ أحتسب اليك يا ربي فقد عذبوا ابني؛ أحتسب اليك." قالتها بصوتها الرقيق الذي قد خشنه ظلم الظالمين و استبدادهم؛قالتها بقلبها المفطور و صدرها المنكسر التي قد أقسمت ان لا يتذلل الا لله فلن يرغمها قتل ابنتها علي الخضوع اليهم او حتي السكوت عن الحق؛ لن يرغمها حتي و ان طال الزمان؛ حتي و ان استمر العذاب؛ حتي و ان اعتاد الظالم ظلمه و رآه عدلاً.
جلس الأب في زنزانته يتذكر ضحكات ابنته و أحضانها و صوتها العذب حين تتلو القرآن الذي ردع القلوب و ذكرهم بالخالق. ظل مبتسما ناظرا الي السقف الذي ما توقف عن الاعتذار له لبسقه الماء عليه؛ ظل يدعو لثبات زوجته التي وثق ان لن ينفد صبرها؛ ظل يدعو لاعطاء القاضي حكما لابنه براءة او علي الأقل صموده علي هذا الظلم. لم ينهمك عقله عن تذكر أيام العزة و الكرامة؛ أيام العدل و الحق؛ أيام تعاون الناس في مكان واحد و صمودهم و يوم محاولة الظالمين قتلنا و تفرقتنا؛ يوم ان حاربونا بالسلاح و لكن هذا لم يردعنا ابدا؛ يوم ان قتلوا ابنته. ثم انهمر في البكاء عندما عُرضت الأحداث في مخيلته و عندما رأي في باله و تذكر عندما كانوا في محاولات لانقاذ ابنته. فناجى الله و ظل يدعوه بفرج الكرب.يا رب فك اسر المظلومين و ثبت اهلهم.
يا رب عليك بالظالمين و خذهم اخذ عزيز مقتدر. آمين
رابعة الصمود رابعة الأمل رابعة ما تعرفش انكسار
رابعة الصمود رابعة الأمل لكل حر بقت شعار.
عن البلتاجي أتحدث.
ربا حمزة
No comments:
Post a Comment